لم الداعية فتحي يكن
يكفي رمضان شرفاً وتكريماً أن اختصه الله تعالى بنزول القرآن الكريم دون سائر الشهور، قال تعالى: {شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} (البقرة: 185).
والقرآن كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حميد. ومن جوامع الكلم في القرآن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أتاني جبريل فقال: يا محمد. إن الأمة مفتونةٌ بعدك. فقلت له: فما المخرجُ يا جبريل؟ فقال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبرُ ما بعدكم، وحُكم ما بينكم، وهو حبلُ الله المتين، وهو الصراطُ المستقيم، وهو قولٌ فصلٌ، ليس بالهزل، إن هذا القرآن لا يليه من جبارٍ ويعملُ بغيره، إلا قصمه الله، ولا يبتغي علماً سواه إلا أضله الله، ولا يخلق عند رده، وهو الذي لا تُفنى عجائبه، من يقل به يصدق، ومن يحكم به يعدل، ومن يعمل به يؤجر، ومن يقسم به يقسط" رواه أحمد في مسنده.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا القرآن مأدبة الله، فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم. إن هذا القرآن حبل الله، والنور المبين، والشفاء النافع، عصبة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الرد. اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته، كل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" رواه الحاكم.
والقرآن هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وهو الدستور الأساسي للمنهج الرباني، وهو العاصم من الزيغ، والنور المبين، والدال على الطريق القويم والصراط المستقيم، قال تعالى: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} (المائدة: 15).
وفي وصية لأبي ذر الغفاري قال: "عليك بتلاوة القرآن فإنه نورٌ لك في الأرض، وذخر لك في السماء" رواه ابن حبان. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض" رواه الحاكم.
والقرآن الكريم شافع مشفّع يوم القيامة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار" رواه الطبراني وابن ماجة. وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" رواه مسلم. وقوله: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفّعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفّعني فيه، فيشفعان" رواه أحمد بمسنده.
والقرآن قوة لمن يتلوه ويتدبره، وعزة لمن يدعو إليه ويبلّغه، ورفعة في الدنيا والآخرة. بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، من أكرمه فقد أكرم الله، ومن أهانه فعليه لعنة الله" مسند الفردوس. وقوله: "إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين" رواه مسلم.
والقرآن حجة للإنسان أو حجة عليه، فمطلوب من صاحب القرآن أن يلتزم أوامره، يحل حلاله ويحرم حرامه، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بالقرآن من استحل محارمه" رواه الترمذي.
ومطلوب من قارئ القرآن أن يتعبد الله في قراءته، وأن يتعبد في تدبّر معانيه، حتى لا يكون معنياً بقوله صلى الله عليه وسلم: "رب تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه".
والقرآن الكريم مناط التكليف الرباني لعباد الله أجمعين، ومعقد الحجة الشرعية على الناس أجمعين.. وهذا ما يفرض على قارئ القرآن أن يدرك أنه معنيٌ بما يريد فيه من أوامر ونواهٍ وتكاليف وأحكام. وهذا ما جعل والد الفيلسوف الإسلامي محمد إقبال، رحمهما الله، يقول لابنه كلما رآه يتلو كتاب الله: "اقرأ القرآن وكأنه عليك ينزل".
وهذا ما يفرض على المسلم دوام قراءته وتدبّره، ومتابعة ما يستجدّ من دلائل إعجازه وبخاصة في المجالات العلميّة (في الفلك، الطب، الأرض، البحار... إلخ).
تحياتي
MoDy